أميلي نوثومب. ميتافيزيقا الأنابيب
أميلي نوثومب ميتافيزيقا الأنابيب ترجمة محمّد آيت حنّا في البدء لم يَكن شيءٌ. وهذا اللاشيء لم يكن فارغاً ولا مُبهماً: ما كان يستدعي غير ذاته. وألفى الربُّ الأمر جيداً. ما كان ثمّة سبب يدفعه إلى خلقِ أيّ شيءٍ كانَ. فاللاّشيء لم يكن يناسبه فحسب؛ وإنّما كان يُرضيه تمام الرّضا. كانت عينا الربّ مفتوحتَيْن ومحدِّقَتين على الدّوام. ولو أنّه أغلقَهما لما تغيّر في الأمر شيء. لم يكُن ثمّة ما يُرى، وما كانَ الربُّ ينظر إلى شيء. كان ممتلئاً وكثيفاً كبيضةٍ مسلوقة، بيضة يُشاكلُها أيضاً في الاستدارة والسّكون. الربُّ كان هو الرّضا المطلق. لم يكن يريد شيئاً، ولا يأمل في شيءٍ، ولا يدرك شيئاً، ولا يمنَعُ شيئاً، ولا يبالي بشيء. كانت الحياةُ من الامتلاء لدرجة أنّها لم تَكُن حياةً. لم يكُن الرّبُ يحيا، كان يوجد. بالنّسبة له لم يُكن لوجوده بدايةٌ مُدرَكة. إنّ لبعض الكتبِ جملاً أولى قليلة التّوهجّ لدرجة أنّنا ننساها على الفور ويتملّكنا الإحساس بأنّنا قد انخرطنا في القراءة منذ بدء الزّمن. وعلى المنوال نفسه، كان مستحيلاً تعيينُ اللّحظة التي بدأ الرّب فيها يوجدُ. كأنّما هوَ قد...