عجلة الحظّ الكبرى

أغوتا كريستوف 
ترجمة: محمّد آيت حنّا

ثمّةُ شخصٌ لم تتملّكني بعدُ الرّغبةُ في قتله.
إنّه أنتَ.
بمقدوركَ أن تمشي في الطرقات، بمقدورك أن تشربَ وتمشي في الطرقات، لن أقتلك.
لا تخَفْ. لا خطر في المدينة. الخطرُ الوحيد في المدينة هو أنا.
أمشي، أمشي في الطرقات، وأقتلُ.
لكن أنتَ، لا خوف عليك.
إذا ما كنتُ ألاحقك، فلأنّي أعشق إيقاع خطواتك. أنت تتهادى. هذا جميل. قد يخيّلُ للمرء أنّك تعرج. وأنّك أحدب. لكنّك لست كذلك حقاً. من حين لآخر تنتصبُ قامتُك وتمشي مستقيمَ الخطو. غيرَ أنّي أعشقُك في الساعات المتأخّرة من الليل، حين تكون خائرَ القوى، حينَ تمشي متعثّرَ الخُطى مقوَّسَ الظهر.
أتبَعُكَ، أنت ترتعدُ. برداً أو خوفاً. مع أنّ الجوّ حارٌ.
لم يكن جوّ مدينتنا قطّ بهذا الحرّ، لم يكن تقريباً قطّ بهذا الحرّ، لعلّه لم يكن قطّ بهذا الحرّ.
ممَ خوفُكَ إذن؟
منّي؟
أنا لستُ عدوّك. أنا أحبّك.
ولن يستطيع أحد آخر إيذاءكَ.
لا تخف. أنا هنا. أنا أحميك.
مع أنّي أنا أيضاً أتألّم.
دموعي –قطراتُ المطر الكبيرة- تسيلُ على وجهي. اللّيلُ يحجبني. القمر يضيئني. الغيوم تخفيني. الرّيح تمزّقني. أمحَضُك نوعاً من العطف. ذاك أمر يعرضُ لي. لكنّه نادرُ الحدوث.
لمَ أنتَ؟ لستُ أدري.
أريد أن أتبعك بعيداً، أينما ذهبتَ، أتبعك زمناً طويلاً.
أريد أن أراك تتألّم أكثرَ.
أريدك أن تملّ كلّ ما سوايَ.
أريدك أن تأتي وتتوسّلني لآخذك.
أريدك أن تشتهيني. أن ترغب فيّ، أن تحبّني، وتناديني.
آنذاك سأحضنك، سأضمّك إلى قلبي، وستكون طفلي، عشيقي، حبّي.
سأحملك معي.
كنتَ تخشى أن تولد، والآن تخشى الموتَ.
تخشى كلّ شيء.
لا ينبغي أن تخافَ.
ما هيَ إلاّ عجلةٌ كبيرةٌ تدورُ. عجَلةٌ تنادي الأبديّةَ.
أنا من يلُفُّ العجَلةَ الكبرى.
لا ينبغي أن تخاف منّي.

الشيء الوحيد الذي يمكن أن يخيفَ، ويسبّبَ الألم، هوَ الحياةُ. والحياةُ أنت أصلاً تعرفُها. 


    

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

امرأة والحرب

موسيقى بيتهوفن